الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

رسالة إلى أمي !

أهلًا أمي.. كيف حالك؟
عندما تصلك رسالتي فاعلمي أني وصلت إلى مقر عملي..
كان الطريق طويلا يا أمي, ومتعب كثيرًا. عند وصولنا مكثنا في المطار قرابة الست ساعات لتفويجنا!
نعم, كان الزمن قصيراً في مقدار الساعات, طويلاً جدًا في ميزان المشاعر.. نمكث نترقب وتقلقنا الأفكار حول العائلة التي تستقبلنا, نتخيل المكان الذي سنقضي فيه, العمل الذي ينتظرنا, والشوق الذي يحرقنا!
البعد محرق يا أمي، كان عملي الأول قريب منكم وكنت أستطيع في كل يوم أن أتخيلكم, أتخيل أكلكم وشربكم وفرحتكم حينما أبعث المال إليكم؛ أما وإذ اختلفت القارة فما أظني يا حبيبة سأفعلها بنفس الدقة والوضوح.
الغربة عذاب يا أمي، ليست بدرجة الغربة التي أشعرها حينما تنكرينني وتنظرين إلي ببلاهة, مستغربة تسألين: من أنت ؟
وسؤالك يا أمي شديد الوقع على نفسي.. 
ما عرفت نفسي يوما, ولا أنست بها ولا أحببتها.. فكيف أعرفك بها ؟
ذهلت عن نفسي منذما فتحت عيناي على الدنيا وكنت أبحث عن لقمة العيش التي تسد رمقي, وحينما وعيتُ حصل لأخي الذي يعولنا الحادث الذي قتله, فصدمتِ يا أمي بعده ثم ذهلت ثم جننتِ !
إيه يا أمي, كلنا صدمنا منذما وعينا على هذه الدنيا, وبصرناها بدناءتها وحقارتها!
إيه يا أمي, كلنا مذهولين عنا, نلهث جاهدين خلف هذه الحياة ولا نلتفت لأنفسنا..
إيه يا أمي, كلنا مجانين ! منذا العاقل في زمن المادة في هذه الحياة ؟
كيف حال أخوتي؟ أخبريهم أني أشتاق إليهم, وأني ما تركتهم إلا لأبحث لهم عن رزق يغنيهم.. وأني فضلت أن أذبل شوقا لكي أرويهم وأكفيهم.
.. وعندما تصلك رسالتي يا أمي، لا تفعلي كما كنتِ دائمًا, تظنيها منديلا تمسحي به دمعك, أو مالا وصلك من أخي رحمه الله فتشققيه وتلعنيه لأنه قتله؛ إن لم تقدري أن تقرأيها - وأنا أعذرك - فسلميها لأخي.
أخيرًا يا أمي, أعلم تماما أن مصير هذه الرسالة القمامة, وأنها ظروفنا التي جعلت مشاعرنا هناك والأوراق التي ترمى فيها يهتم بها بالتدوير ولا يلتفت إلينا..
وراضية تمام الرضا يا أمي, فلا تحزني.
الإربعاء 2/13

وصلتنا عاملة منزلية عرفت القليل من حياتها, فأمضيت فيها خيالي فكان ما كتبت.

الخميس، 13 ديسمبر 2012

يا الله!
كيف تتغير هذه الحياة في نظر الإنسان فما تعود كما كانت!
نظرة تجعل ما سبق كأنه خيال لا عمرًا عشته ولا شعورا أحسسته، ولا مكانا ولا زمانا كنت فيه!
كيف كانت تلك الأيام؟ انطوت على ما فيها وما لي إليها سبيل غير دعوات أرجو فيها الله بأن يغفر لي فيها ما مضى ويوفقني فيما بقي ومن أحب يارب العالمين.

السبت، 14 يوليو 2012

.

 بسم الله الرحمن الرحيم

لك الحمد يا الله.. لكل ما أنعمت به علينا
مغفرتك يا الله.. على ما قصرّت فيه وأذنبت.. حينما جذبتني الدنيا وأنستني يا الله..
أحاديث الناس وتعللي بهم.. وكل ما تعلمه يارب في نفسي وأخفيه عن غيري.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.. يارب.

الجمعة، 6 يوليو 2012


  يارب
يا عالمًا بخبيئة نفسي، وسر قلبي .. أصلح يارب شأني وردني إليك ردًا جميلًا
اللهم يا عالمًا بتقصير نفسي، وذنبي وعجزي، وقسوة قلبي .. اغفر لي وأصلح حالي ومآلي

الجمعة، 1 يونيو 2012

مقال قديم


بسم الله الرحمن الرحيم

وجدته بالأرشيف قبل ثلاثة سنين تقريبًا فسعدت به رغم بساطته.

من بين كلّ الأوطان، كان وطننا مختلفاً، لا ننام بأمان، ولا تراودنا لحظة اطمئنان، من بين كلّ المدراس في مختلف الأوطان، كانت مدارسننا مختلفة، حبرنا دماء، وأوراقنا أشلاء! حتى المطر لدينا مختلفاً، رصاص ودمار، ولأن أطفالنا أيضاً مختلفون فحكاياهم أيضاً مختلفة، قصص النوم تلك، كانت تتحدث عن وطن، عن حبّ، عن روح مجاهد، عن الكثير مما يخصنا، حتى حكاية ليلى والذّئب، غٌيّرت لأجلنا، فليلى تلك البريئة التي التقى بها الذئب الصهيوني وهي في طريقها للمدرسة، ُقتلت برصاصته!
حكايانا مختلفة، بكائنا، دموعنا وألآمنا، وشهر زاد التي بدأت تحكي علينا حكايا المقاومة ليراودنا طيف الأمل أخيراً!
يا شهر زاد: مالكِ جزعتِ من الموت، وأحببت الحياة؟ وفي الحياة كثير من المعاناة، ورؤية الموت!
فلتحكي لنا حكاية مجاهد، استولى على أرضه مغتصبون فجاهد حتّى شنق، ولا زالت صفحات التاريخ تشهد له فعله، أذكري قوله حينما حكم عليه بالموت، فقال مقولة شاع منها شمس ثقته بالله، كتبت في صفحات حياتنا، وفي التاريخ الذي عرف ذلك الشهم:
((سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي.)) 
ولأنّ حياته أصبحت بالفعل طويلة، طويلة جدّاً لجعلنا نثق بالله، ونجعله قدوة في جهادنا، لأنّه الحقيقة التي لا تخفى، ومطلبنا لتكون مقاومتنا مثله عظيمة.
احكي يا شهر زاد عنّا، احكي للعالم أجمع بأننا كلّنا مختار، وبأن صلاح سيعود، احكي وزيدي في الحكايا، لعلّ القوة الظالمة تغفل عن قتلكِ، فيعلم العالم عنكِ وعنّا.
يا شهر زاد: مالكِ آثرت الحياة على الموت، وفي الموت بإذن الله حياة؟!
فلتحكي ولتزيدي في الحكايا، ولتخبري عن حياة مجاهد، أصبح قدوتنا، ومقولته قوتنا : ((إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب، قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه إلى النهاية.))
احكي يا شهر زاد عن إيماننا، عن حقنا، عن حريتنا التي اغتصبت وسلبت منّا، عن حقّ الأقصى بأن يكون شامخاً، عن ذكر الله الواجب أن يكون قائماً، عن حقّ الزيتون بالبقاء، وعن حقّنا بالجهاد.
قال لي طفلٌ ذات مرّة: أكذوبة هو الوطن، رسمة طائشة في خريطة، كلامٌ كاذب في التاريخ، لا وجود لمن تتكلمون عنه بدمائكم، إنّ كنّا حقاً ننتمي له، فهو قد مات، وليس من حقّنا الحياة!
آلمني قوله يا شهر زاد، آلمني بشدّة، ربّما لم يقرأ حكايانا، ربما أخطأ وقرأ حكاية من غرب، حكاية زيف وكذب، حكايةٌ أقنعته بأن ما تقوله وتفعله حقيقة، ولكن أو ليست شمس الحقيقة لا تسطع من غربٍ؟ ربما نسى بأن شمس الحقيقة تشرق من مشرقنا الإسلامي، ربما تناسى، ولكن تلك الأشعّة لا تُكذّب!
احكي يا شهر زاد لكلّ أطفال العالم عن حقيقتنا، عن الظلام المخيّم علينا، وعن ذنوبنا التي أغضبت الله، فأصاب الشمس كسوفا، وإننا نتوب إلى الله توبة نصوح، ونستغفره من ذنوبنا، وندعوه.
ولتحكي يا شهر زاد عن الشّموع، التي تذبل كلّ ليلة، وتحرق أيدينا ونحن نطلب النور، ولكن، أوَ ليس الصّبح بقريب؟
ولتجعلي يا شهر زاد النهاية، هي نصرنا بإذن الله.
{ إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }

10/1/1430 هـ

الأربعاء، 30 مايو 2012

لك الحمد يا الله.. على هدايتي للإسلام وعلى كل نعمة أسبغتها علي.
لك الحمد يا الله .. كم نغفل وكم نجهل، ونقصّر يارب وتنعم - برحمتك وكرمك - علينا. 
لك الحمد يارب، أنعمت علي ورزقتني من الصفات ما أطمئن إليها، فضلُ منك ومنّة، فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى.
لك الحمد يا الله.. تنعم ونقصّر في الشكر، ثم ننسى وإذا تعرّضنا لبلاء عنه كتبنا.
لك الحمد يا الله.. ارزقني الرضى واليقين، وشكر نعمتك في كل حين.

الجمعة، 11 مايو 2012

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ فترة أعاني من جمود قلبي وعقلي ودراسي
لي فترة، والمواد التي أختبر فيها لا أذاكرها إلا في المدرسة - طبعًا مع تهرّب من المذاكرة بمناقشة البنات بحفل التخرج- !
لي فترة، لا أقرأ إلا نادرًا جدًا.
وماذا بعد؟
الإنسان متقلب، تأتيني فترة أرى في الدقيقة التي لا أفعل بها ما يفيدني ضياعًا لوقتي وأتحسّر عليها، والآن أيامي وأسابيعي بل شهوري ولّت ولا أرى أني أفدت بها!
نعم، لا زال فيّ ذرة تأنيب ضمير، يا حسرة على الحفظ الذي أجبر عليه ثم لا أحفظه وأنساه وعلى دروسي التي أجبر عليها ثم لا أقرأها ولا أستفيد منها!
بالمناسبة: غدًا علي اختبار نهائي ولم أذاكره حتى الآن!
اختباري النهائي السابق اعتمدت فيه على انتباهي في الدرس، ولم أقرأ الكتاب إلا حصتين بشكل متقطع كثيرًا !
هداني الله :(

السبت، 5 مايو 2012

فضفة

إلام تلوم النفسُ النفسَ، ثم لا تسعى لتحقق مبتغاها ؟
متى تطلق النفس عنها هذا القيد ؟ متى ترتاح من هذا الذي يجذبها ثم لا يجعلها تنقاد إليه ولا يفك جبروته عنها لتنطلق !



وددتُ لو أني أطلع على أنفس الناس، أوتجاذب بعضها كما تفعل نفسي؟ 
وددت لو أن نفسي تتحول لإنسان أحادثها وتحادثه، وأجبرها كما تجبرني .. أود لو كان لي عليها سلطان، كما تفعل الآن! تصل إلي، ولا أصل إليها .. وتقهرني وما لي عليها مدخل ولا لي إليها طريق!
ياللنفس!! سبحان خالقكِ! يهديك الله، فما لي لك هداية ولا لي عليك سلطان! 

الجمعة، 16 مارس 2012

القدرات

بسم الله الرحمن الرحيم


يوم الخميس ٢٢\٤ كان موعدنا مع قياس .. وقت التسجيل ولما رأيت كلمة "مؤكد "بجانب تاريخ الموعد، رادوتني مشاعر الرهبة من هذا الشبح الذي يخوفونا به!
كان بيني وبينه شهر ولا بد أستعد، فدخلت منتديات يزيد التعليمية التي يمدحونها لهذا، وفتحت صفحات كثيرة وحملت ما أستطيع تحميله من الكتب ثم نقلتها للآيباد، وذهبت لمكتبة جرير واشتريت كتاب قبول١، العصر قرأت المواضيع وأرسلت الموضوع المهم والوحيد تقريبًا والذي أفادني بشكل كبير عن التناظر اللفظي لأبرار، وفي الليل قرأت بعضًا من الكتب التي حملتها، وفي الغد بالمدرسة بدأت وهاجر - كانت أبرار متغيبة - بقراءة كتاب قبول١، وهو الكتاب الذي أحمله يوميًا للمدرسة ونادرًا ما نقرأ فيه! - كانت أبرار تقرأه أحيانًا وتسألني عما ورد فيه من أسئلة وتصححها لي -
دخولي لمنتديات يزيد التعليمية زاد من رهبتي ومن خوفي خوفا!خصوصًا بعد قراءة تجارب الأعضاء واستعدادهم له منذ الصف الأول أو الثاني ثانوي، وحضرتي لم أعرفه وأقرأ عنه إلا قبل اختباري بشهر !
أكذب إن قلت بأني لم أخف وأبالغ إن قلت بأنه استمر معي! من الغد بدأ البرود واللامبالاة تتسلل إلي، وقررت - حتى لا يأنبني ضميري - بأن أدخل منتديات يزيد قبل اختباري بأسبوع وأقرأ تجميعات الأسئلة .. وبالطبع لم أدخلها إلا قبل اختباري بيوم وقرأت بضعة أسئلة - لا أظنها تتعدى العشرة - حتى أغلقت الصفحة !
زاد من لامبالاتي حديث أمجاد العزيزة وابنة خالتي: ندى عنه، ثم تجربة الصديقة لجين والزميلة بشرى.
الليلة التي تسبق الاختبار:
كانت النفسية براس الخشم على قولتهم، طبعًا ما كان خوف من الاختبار أو قلق له وهذا ما جعل أهلي يظنوني قلقة وحزينة لأجله ! بس ومالو كان لهذا حسنة هو دعائهم لي خخخ
تفرقوا أهلي في الساعة الواحدة تقريبًا فبدأت أجهز لبسي وسرحت شعري


وجلست أسولف على أبرار بالآي مسج دقائق ثم جلست أحوس وهكا حتى الساعة الرابعة تقريبًا نمت. 
قمت الفجر وصليت وعدت أنام لدقائق ثم استيقظت وتلبست وتجهزت وأيقظت محمد وانطلقنا من البيت ومرينا أبرار - المساند النفسي - ومشينا للكلية،  توقعت يضيّع محمد شوي لكن الحمدلله وصلنا بالموعد المحدد.






في الصورة شنطتي ونحن ذاهبين للكلية




دخلنا الكلية ورأينا بعض الزميلات وسلمنا وما جلسنا وقت كثير حتى نادونا للقاعات، وأحمد الله أن أبرار كانت معي تخفف من رهبة الموقف - وما كانش فيه رهبة - ، ثم جلسنا على كراسينا وأبرار أمامي؛ وبدأت المسؤولة تلقي التعليمات وتعيدها مرارًا وتكرارًا والشاشة من خلفها تدعمها بالصور .. ثم بدأن المراقبات يدورن علينا ويوزعن الأقلام ويسألننا عن الأسماء وأرقام المجموعة؛ طبعًا نسيت رقمي ولخبطت المسؤولة معي لكن الحمدلله مشت الأمور خخخخخ
ثم بدأ الاختبار، وهو مكوّن من أربعة أقسام لكل قسم ٢٥ دقيقة والدقيقة - السادسة والعشرون - للتعويض ..
بدأنا بالقسم الأول وكان كله كمّي ولأني أول مرة أجربه وخفت أن يفوتني شيء فقد بدأت بالتظليل بسرعة بتفكير سريع جدًا، ثم انصدمت بعدما انتهيت بالوقت الطويل الذي بقي! فراجعت الأسئلة وبدأت أمسح وأظلل على ما أراه صحيح من جديد، ومرت الأقسام الباقية بيسر والحمدلله .. 
أغلب الأسئلة كانت سهلة ويسيرة وإن كانت خادعة، أظن الجواب فقرة (أ) مثلًا  وأظلل عليها، ثم بعد التدقيق أرى بأني أخطأت وهكذا .. 
الوقت ما كان عائق أبدًا، أظلل على أسئلة القسم ثم أعود لأراجع إجاباتي وغالبًا ما ينتهي الوقت عندما أنتهي من المراجعة.
كل المخاوف التي ظننتها تبخرت عندما رأيت الأسئلة كلها، العيب الوحيد بعد الخداع الذي يفعلونه، أنهم يوزعون الأسئلة الكمية على الأقسام، فإذا سعدت بأني انتهيت من الأسئلة الكمية، رأيت سؤال عنه في القسم الآخر وهكذا.


قاعتنا التي اختبرنا بها صورتها من مكاني، والشاشة لحساب الوقت


أغراضنا - أبرار وأنا -  على كرسي القاعة .. وترى أبرار ما تبهذلت هي ويده اليسرى هههههههههه 



























احدى القاعات في الكلية بعد انتهاء الطالبات الموجودات من الاختبار


بعد الانتهاء من الاختبار وخروجنا للساحة بدأنا نشاهد البنات ونرى القديمات منهن، بعضهن انقطعنا عنهن من الابتدائي وأخريات من المتوسط، وبعضهن من أولى ثانوي؛ ذكريات سعيدة وصدمة من تغيّر بعضهن وأشياء كثيرة :)
الجميل أني رأيت صديقاتي العزيزات نجود وأروى انتقلن من الصف الأول ثانوي عن مدرستنا واجتمعنا بهن .. وفي الصورة شناطنا معهن :) البنية شنطة أبرار :P


ثم سلمنا وسولفنا وانطلقنا للبيت .. قبل ما نرجع مر محمد باسكن روينز وشرى كيكة 
وهنا يظهر السواق .. - تراه مبتسم بس ابتسامة عوجاء خخخخخخ

ثم جلسنا نسولف - أبرار وبنان وأمامة وأنا طبعًا :P - وهكا وكتبت بنان على الكيكة وذا


اي والله وخلصنا أخييرًا وجدعنا همّه وعرفنا له أهم شيء.. تجربة جوّه غيير عن كل شيء قالوه لنا وذكروه.
-
حمدًا لله على تيسيره 
 وشكرًا لأبرار على توسيعة الصدر والأكشن اللي بالبيت والخاتم وقصّة الغرّة لي، ترا للحين ناطة على خبرتس هههههههه
شكرًا نهال على اهتمامك الدائم وسؤالك المستمر ، ما ننحرمش منك يارب () تمنيتك معنا ما نقصنا إلاك :(



الجمعة، 2 مارس 2012

شمسُ الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

في زمن ثلاثة وثلاثون وأربعمائة وألف من الهجرة، وُجدت صفحات رُجّح بأنها كانت أجزاء مقطوعة وصفحات مفقودة لأحد الكتب، والأوراق مطوية محفوظة في جيب من جلد، أثّر عليها الزمان فمحا من حروفها ما محا، وبيّض ما سوده الحبر، ومزّق أطرافها وأجزاء منها، كُتب في أولها بعد الحمد والثناء:
.. وفي سنة ستمائة وواحد وتسعين للهجرة، أشرقت دمشق بمولد شمس الدين محمد الزُّرعي، وكان له من اسمه النصيب الأكبر، إذْ كان علمًا من أعلام الدين، وقنديل من نوره، فأشير إليه بذلك وعُرف وأصبح أشهر من نار على علم.
قال الراوي: وكان مولده في بيت علم ودين، تربى على القرآن وعلومه حتى ملأ به قلبه فكانت كلمات الله هاديه ودليله، وتفقه بالدين وتعاليمه.
 والده قيّم المدرسة الجوزية وناظرها وإليها ينسب، وأخيه عالمًا يُطلب على يديه العلم وابن أخيه، وهو ثم ابنيه - من بعد - من أعلام النبلاء، فكانت عائلة مشهورة بالنجابة والعلم وأنعم بها من عائلة وشهرة.
وهل ينبت الخطى إلا وشيجه  ..  وتغرس إلا في منابتها النخل 
ولد شمس الدين بعقل متوقد يشع ذكاء ودهاء، وقلب حافظ، فكان إذا ارتحل حمل مكتبته في صدره، وفيها بحر زاخر من شتى العلوم، محيطًا بأكثرها، ثم إذا وردته رسالة يسأل فيها مرسلها عن سؤال، أجاب عنه إجابة شاملة، سرد ما فيها من أحكام في المذاهب المختلفة ثم يرجّح ما كان موافقًا للسنة النبوية تابعًا لها. ورد له سؤال وهو على سفر - وفيه من المشاق ما لا تخفى على العارف - فأجاب عن حيرة السائل بكتاب كامل! يعرض الكتب وما علمه عن المسألة مما يحمله في صدره، فيكتب مجيبًا فيجيد ويحسن، ويكون جوابه شاملًا مقنعًا، موافقًا للدليل عارضًا للآراء المخالفة في المذاهب المختلفة، عادلًا بها منصفًا؛ ثم يفنّدها بالدليل والعقل فيهدمها، وإنما هي بناء يغّر به الناظر حتى يحسبه على أساس متين، فإذا ابن القيم يهدم الصّرح ويقيم على أثره بناء أُسس على التقوى.
وكان آية في القسط والعدل، ما كان يملي عليه هواه أو حرصه على الحق وتمسكه به في أن يظلم مخالفه ويسلبه حقوقه وينكر بعض الحق الذي فيه .. وإنما كان يعرضُ آراء المخالفين فما كان منها موافقًا لما دلّ عليه القرآن ووافقته السنّة أشاد به، وما كان غيره بيّن مساوءه ومثالبه.
 - كان جزء من الورقة مقتطع لقدمه، وما بعده اكمالًا للحديث - :
 .. وكانت دمشق إذ ذاك منارة للعلم، يقصدها طالبيه من كل الأمصار، ويقصدها العلماء استزادة علم وللتعليم، يعلم الله ما في أنفسهم إلا رجاء الأجر والثواب، فكان العالم منهم إذا كتب وأفاد، جعل قبل عرضه يدعو الله بتضرّع وخضوع إن كان ما كتبه خالصًا لوجهه الكريم، يبقيه وينفع به ولا يجعله كالزبد يذهب جفاء !
قال الراوي:
فكان حجّة الإسلام ونور البرهان يطلب العلم على حلقات العلماء، ويستزيد من هذا وذاك، ويدوّن ويكتب، وكان عصره رغم ازدهار العلم فيه ونبوغ علماء أجلاء عرفوا على مرّ التاريخ، فقد كان مضطربًا يموج في خضم المذاهب الدينية واختلافاتها، والمتعصبين لها يؤججون نار الجدل والخلاف، وكلّ متمسك برأيه، متعصب لشيخه ومذهبه، تاركًا أدلة القرآن، متجاهلًا حجة السنة عليه، و"تالله إنها فتنة عمّت فأعمَت، ورمت القلوب فأصمت، ربا عليها الصغير وهرم فيها الكبير واتخذ لأجلها القرآن مهجورا " !
وكان ابن القيم فيه الشيء منها، فلما لزم شيخ الإسلام يطلب على يديه العلم، ترك ذلك وراء ظهره، وقد اصطفاه شيخ الإسلام تلميذًا مقربا إليه بعدما رأى نجابته وذكاءه، وأخذ عنه الكثير من علومه وفتاويه  وأصبح أخص الناس به، فلما نهل الشمس من معين شيخ الإسلام، وفتح له آفاقه وتوسعت مداركه، امتدحه بقصيدة عظيمة المعنى، حسنة اللفظ، قال في بعض أبياتها:
حبرٌ أتى من أرض حرّان فيا *** أهلا بمن قد جاء من حـران 
أخَذّتْ يداه يدي وسار فلم يَرُم *** حتى أراني مَطْلَعَ الإيـمان 

نبذ ابن القيم ما كان من منهجه القديم نبذًا شديدًا، فكسب بها العداوات، وقامت بينه وبين مخالفيه مناظرات، وفُتن لأجلها وسُجن ..
وكان ما ذكرنا من تعصّب الناس لأراء الرجال أكثر من طلبهم للحق في القرآن والسنة، جعلوا كلما أفتى ابن القيّم وصدع بالحقّ مستدلًا بآيات الله وسنة رسوله عليه السلام، قاموا عليه وعابوه، وغضبوا وذمّوا؛ فما التفت لذمّهم ولا خضع لغضبهم ورأيهم .. وسجن بسبب بعض فتاويه التي خالفت ما اعتاده الناس وكانت مشهورة بينهم؛ بعضها رجع عنها لما استبان له الحق وظهر، وبعضها لا زال متمسكًا بها إذا يرى غيرها اجتهادات تخطئ وتصيب.
وكان من آثار معاداة المخالفين له، جعلوا ينسبون إليه مؤلفات ابن الجوزي وكان للأخير رحمه الله كتاب " قد شحنه بفاسد التأويل فوقع في التعطيل فرارًا من قذر التشبيه " فنسبوه لابن القيم نكالًا به ونسبة إليه ظلمًا وزورًا منهجًا كان أبعد ما يكون عنه، إذ كانت خطاه على منهج وأثر السلف الصالح معروفة ومشهورة، ودفاعه عنه مكتوب.
وطلبه للعلم ونشره ومنهجه وأثره، كل ذلك معروف مشهور، ومنذا الذي تخلو مكتبته من أحد كتبه ؟ ولا أعلم أحدًا شغف بالعلم، واهتم بالدين والأدب لم يقرأ له. 
انتهى الراوي من عرض جزء من سيرة الإمام العلّامة في طلبه للعلم ومنهجه، وقد ابيضّ بعض الأوراق المذكورة في ذلك، فيُكتفى بما قد أغنانا عنه، ما عرف به وكانت مؤلفاته دليلًا عليه..
أما في عبادته، فهي الشيء العجاب، وما هي بمستغربة منه وهو وهو من كتب في مؤلفاته عن محبة العبد لعبده ورجاءه به والتوكل عليه، وعبادته .. جاء بخير ما جاء به الأوائل وزادهم حسنًا في الأسلوب، وانتقاء للفظ وتجميل المعنى، وأعجز الأواخر من بعده، إن قرأوا قرأوا له، وإن أرادوا أن يكتبوا عادوا إلى معينه يستقون منه ويرتادون عليه.
قال الراوي نقلًا عن تلميذه  ابن رجب: " وكان - يعني ابن القيم - رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية الوسطى، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك. "
كان يذهب إلى مكّة فيجاور ويبكي ذنوبه ويطّوف بالبيت العتيق ما يُعجب منه الرائي، ويتعجب منه الغافل..
يلهج بالذكر حتى كان نفسه الذي يتنفس به، شهيقه وزفيره، شديد المحبة لله وبه، فكان أحب إليه من الكلام كلام الله، إن كتب استدلّ به وكانت مؤلفاته معاني ما أنعم الله به عليه من فهم للقرآن وتفسير له.
كان دواءه إذا مرض، وبلسمه إذا جُرح، وفرجه إذا ضاق.. حبس في القلعة لبعض فتاويه، فعكف على القرآن تدبرًا وتأملًا، ففتح الله عليه وكتب مؤلفات بعد خروجه كانت ثمرة عزلته.
كان متّبعًا للنبي عليه أفضل الصلاة والتسليم، عائبًا سقم أفهام من يعيبونه ويتركونه، يقدم النصّ على ضلال العقل، ونور الوحي على ظلمة المنطق .. وما فيهم عقل ولا منطق، وإنما اتباع هوى وضلال!
قال الراوي:
وكان أكثر من عُرف من أئمة ذلك العصر قد طلبوا العلم على يديه، فكان ابن حجر العسقلاني وابن كثير والسبكي والإمام الحافظ الذهبي، والفيروز آبادي وابن القيّم ابراهيم.
كان رجلًا من " رجالٍ ما ساروا مسيرًا ولا قالوا مقيلًا إلا كانوا مع الديانة حيث كانت منازلها، وساروا معها حيث كانت ركائبها يدلون من ضل إلى الهدى ويكشفون طرق الغي والردى "
فرحمة الله عليه.


التدوينة فيها من الأخطاء العظيمة ما أنوي أن أعود إليها لأصححها بإذنه تعالى .. سائلة الله أن يفتح علي ويلهمني 


أجريت في القصة خيالي وفيها قليل مما أظنه واقع

الأربعاء، 22 فبراير 2012

موطن القلب

بسم الله الرحمن الرحيم


" لا يزال الإسلام بالرغم من جميع العقبات التي خلّفها تأخر المسلمين أعظم قوة ناهضة بالهمم عرفها البشر ، لذلك تجمّعت رغباتي حول مسألة بعثه من جديد"


.. إذا نظرت إلى الصحراء وهي تموج برمالها، وتعصف برياحها، وإذا هي متكبّرة جبّارة، ترمي من يحاول وطء أرضها برمال عاتية، وتزمجر به حتى يرتمي أرضًا ويغطي نفسه مستلسمًا، ثم هي تلين له، فإذا ركب الشخص هجينه وارتحل، مشت من تحته كأنما هي تساعده ليصل لمراده .. وتكشف له عن نفسه، فكأنها المرآة تجليها له، وتكشف ما كان يحجبه عنها من لوثة المدنية، ومشاغل الحياة .. وهي المدرسة التي ما تنتهي عبرها ودروس حكمها ومواعظها، تعلمه الصبر حتى يكون طبعًا له، ثم ينعم عليه الله بها فتعطيه مما يُحرم من غيرها!
إذا رزقها الله غيثًا انقلبت إلى روضة فياضة كأن لم تمر بجفاف قط! ثم تحرقها الشمس ويغطيها الرمال حتى ما يظن بأن مسّها نعيم.
وهي على تغير أحوالها وتبدلها، فما من شيء يكون على طبيعته إلا بها! عجيبة غريبة، كالبحر في تموجها وعظمتها وإن " الحياة بجلالها وعظمتها تحسها دائمًا في الصحراء، وإذ كان من الصعب جدًا الاحتفاظ بها هناك، فهي بمثابة الهبة أبدًا، عزيزة دائمًا كالكنز الثمين " !
ولحسنها فُتن بها محمد أسد، حتى ملكت عليه قلبه، وسلبت لبه، فكان كثير الارتحال بها على هجينه مع دليله وصديقه البدوي الشمرّي زيد.. على أن حبها ما كان إلا جزء وقطعة من حبه الأكبر، وهو تابع له.
فمن محمد هذا؟ وما كان هو أول من أحبّ الصحراء وافتن بها، ولا رحلاته بها الأولى من الرحلات تلك؛ ولكني أخبرك بخبره، حتى أرفع العجب، لِتُعجب !
كان محمد يهوديًا من النمسا، درس بها الفلسفة والفن، ودفعاه والداه لقراءة التلمود وتعلم العلوم الدينية العبرانية على صغر سنه وحفظها حتى أجاد العبرانية وتكلم بها !
وما يجيء في بال المرء حين يعرف هذا، إلا بأن ليوبولد - اسمه السابق - كان متعصبًا لدينه، حريصًا عليه؛ لكنه كان على العكسِ من هذا، فقد ازداد بعدًا عنه، رغم معرفته المتعمقة وتفريقه بين التملودين البابلي والقدسي.
كان ذو همّة عالية وطموح كبير، وعقل دائم التفكير . أحبّ الصحافة فعمل بها، ثم دعاه قريب له للقدس فلبّى دعوته، لباها ظانًا بأنها رحلة قصيرة، وأنها مغامرة ممتعة - وهو من المحبين لها - ميّالا للتغيير وتجربة الجديد، ولم يعلم بأنه هناك سيُبعث من جديد، وأن حاله سيتغير عليه فكأنه لم يكن من قبل!
ثم أصبح مراسلًا صحفيًا في المشرق العربي والإسلامي.
وإذ قلت لك بأنه مضطرب الوجدان، دائم التفكير، فإنه لا بدّ أن يهديه للحقيقة؛ لأن العقل السليم سيصل إلى حقيقة الحياة وجوهرها والمراد منه.
مضى محمد أسد إلى القدس مع قريبه، وكان يسكن معه بيته، وجارهما فلسطيني مسلم،؛ شيخٌ كبير، سلبت منه الحياة قوته الجسدية، وأمدّه الله بقوة إيمانية، فكان مؤمنًا مصليًا، يجتمع معه المسلمين فيصلي بهم خارج المنزل جماعًة، وليوبولد يراهم من نافذته ..
وكان يضيق بحركاتهم في الصلاة، وأقلقه السؤال، فأخبر به " الحاجي " :
- " ألا يكون من الأفضل للمرء أن يخلو بنفسه وأن يصلي إلى الله في قلبه ؟ لم حركات الجسم هذه كلها ؟ "
وما تضايق الشيخ من سؤاله ولا استاء، بل فتر عن ابتسامة وأجاب:
- " بأية طريقة أخرى إذن، يجب أن نعبد الله ؟ ألم يخلق الجسد والروح معًا ؟ وإذا كان هذا أفلا يجب أن يصلي الإنسان بجسده كما يصلي بروحه ؟ 
..  إننا نولي وجوهنا نحو الكعبة ، مدركين أن المسلمين كلهم حيثما كانوا، مولون وجوههم  نحوها في صلاتهم، وأننا كجسد واحد، وأن الله هو محور تفكيرنا جميعًا. "
وكان كلامه أول باب يُفتح، كان الإشارة للطريق المستقيم من بين سبل الضلال، وكان النور الذي لمع في ظلمة الحيرة، ثم تغشاها من بعد، فكانت نور الهداية "جاءني الإسلام متسللاً كالنور إلى قلبي المظلم ، ولكن ليبقى فيه إلى الأبد "
ورغم أنه لم يقرأ عن الإسلام من قبل وكان متأثرًا بنبذ الغرب له؛ فقد تأثّر حينما كان يرى مسلمًا يفرش سجادته ويرمي عن كاهله أعباء الحياة، ويقطع علائقه بها، ويتوجه للإله الأوحد يدعوه بتذلل ويستغيث به برجاء.. وكان رغم يهوديته لم يرى بأحقية الصهاينة لاستيطان القدس واحتلال فلسطين.
" أدركت أن العرب هم الذين كانوا يخدعون، وأنهم كانوا على حق بدفاعهم عن أنفسهم ضد هذه الخديعة ".
كان ذلك أول الطريق وبداية المسير، ثم انتقل للبلدان الإسلامية والعربية، وكان يكلم المسلمين بحرقة لتركهم تعاليم الإسلام القيّمة، وابتعادهم عنه وعن تطبيقه .. ثم فُوجئ حينما أخبره صديقه الأفغاني:
" أنت مسلم، ولكن دون أن تدرك نفسك ذلك " !
كانت تلك صدمة هزّته من الأعماق، فاجئته بنفسه ووضعته أمامها، كان شيئا يُحس به ويكذبه، يهرب منه ويلحقه؛ كانت روحًا يهرب منها جسده، وفكرة تهرّب منها عقله، فجائته كلمة صديقه لتقبض على الهارب، وتعيد نفسه إلى مكانها الذي كان يجب أن تكون فيها..
ثم أسلم محمد أسد، وهام بالجزيرة العربية حبًّا؛ وكان أجنبيًا أوربيًا، اعتاد على جنّات الله في أرضه وعلى هوائها العليل وبساطها الأخضر ومناظرها المذهلة، ورغم ذلك فقد نسف كل ذلك وراء ظهره، وعاد إلى موطنه الأصلي الذي كان يسكن فيه قلبه، وبُعثت فيها روحه. يعيش في الصحراء بقسوتها وشدّتها؛ بنارها في الصيف، وزمهريرها في الشتاء. يعاني من لهيب الصيف وحرارته ما يحرقه، ويعطش حتى ما يحس بلسانه إلا حجرًا في فمه! ويجوع حتى يرمي من الإنهاك نفسه على الهجين يمضي به حيث يشاء! ويمر عليه الشتاء بزمهريره وبرده، حتى ما يغني عنه الحطب إذا اشتعل فيه النار شيئًا.
مكث فيها حتى أحسّ بها وطنه، وما كان يشعر بالبدو رغم استغرابهم لبشرته البيضاء في الصحراء المحرقة إلا أخوانه " ذلك أن جزيرة العرب قد أصبحت وطني. إن ماضي الغربي أشبه بالحلم البعيد، لا من الوهم بحيث ينسى، ولا من الحقيقة بحيث يؤلف جزءًا من حاضري "
التقى بالإمام عبدالعزيز، فتوطدت العلاقة بينهما وكان صديقه، يبثّ عبدالعزيز إليه همّه، ويُحضره درسه، وكان من خاصته .. وكان أوّل أجنبي يسمح له الملك عبدالعزيز بالمسير لنجد، بل دعاه لهذا.
ثم التقى بالمدينة شيخ عمر المختار السنوني، فكان يخطّ معه الخطط الحربية للجهاد في لليبيا، ويفكران بالحيل لمساعدة المجهادين هناك، ثم استأمنه الشيخ السنوسي وكان له منزلة ما جعله يرشحه ليذهب للجهاد هناك !
وكان تكليف عظيم وأمانة كبيرة،  وحملها .. وذهب هناك لليبيا مجاهدًا، وقابل عمر المختار وقصّ ما كان منهما، وتعرّض للموت وكان قريبًا إليه حتى يكاد يقع به لولا حماية الله له فنجى هو وبعض من جماعته وقُتل آخرون ..
خرج من البلاد العربية للبلدان الإسلامية، وكان له جهود معروفة وكتب قيّمة، ترجم معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري، وكتب رحلته في الطريق إلى مكة وإسلامه، ودرّته المعروفة: الإسلام على مفترق الطرق.
ما كانت هذه سيرة شخص، كانت قصّة عقل، ورحلة روح لموطنها الأصلي.. كان غريبًا في ديار نشأته، مستوطنًا البلدان العربية منذ ولد !
حينما توجه بقلبه وجسده من مصر راكبًا الباخرة، قاصدًا مكة للحج، شعر بأن غربته انقضت، وأنه وجد بلاده؛ فـوصف إفاضته مع الحجيج من عرفات: "ها نحن أولاء نمضي عجلين مستسلمين لغبطة لا حد لها، والريح تعصف في أذني صيحة الفرح. لن تعود بعدُ غريباً، لن تعود.. إخواني عن اليمين، وإخواني عن الشمال، ليس بينهم من أعرفه وليس فيهم من غريب ! فنحن في التيار المُصطخِب جسد واحد يسير إلى غاية واحدة  وفي قلوبنا جذوة من الإيمان الذي اتقد في قلوب أصحاب رسول الله … يعلم إخواني أنهم قصّروا، ولكنهم لا يزالون على العهد، سينجزون الوعد"
"لبيك اللهم لبيك" لم أعد أسمع شيئاً سوى صوت "لبيك" في عقلي ، ودويّ الدم وهديره في أذني .. وتقدمت أطوف، وأصبحت جزءاً من سيل دائري! لقد أصبحت جزءاً من حركة في مدار ! وتلاشت الدقائق وهدأ الزمن نفسه .. وكان هذا المكان محور العالم" !
إن الإسلام فطرة ينجذب إليها المرء، دليله قلبه ، وهاديه بعد الله عقله .. ورحمة الله للإنسانية هذا الإسلام لأن
 "الرجل الذي أُرسل رحمة للعالمين ، إذا أبينا عليه هُداه، فإن هذا لا يعني شيئاً أقل من أننا نأبى رحمة الله !"

رُبَّ سارٍ والسُّحْبُ قد لَفَّتِ النّجم *** فحـار الســـارونَ عبر القفــارِ
 سَــفَرَ الفجــرُ فاســتبانَ خُـــطاه *** فــرآها اهتـــدتْ بــلا إبصـارِ

كان مرجعي في قصته كتابه: الطريق إلى الإسلام، وما كتبه الدكتور. عبدالمعطي الدالاتي عنه في صيد الفوائد.



أجريت في القصة خيالي وفيها قليل مما أظنه واقع

الخميس، 16 فبراير 2012

كاتب النفس الإنسانية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
جلس الأب وابنه إلى كرسي في أحدِ المقاهي يتحدثان عن أعباء الحياة ويتناقشون أحداثها، وفي احدى زواياه المهترئة علقت صورة كبيرة ..
- من هذا يا أبي ؟
- كاتب النفس الإنسانية مصطفى المنفلوطي.
- من أي الديار هو ؟
- عجيب أن تسأل يا بني ونظرة واحدة إليه وهو واقف بعمامته البيضاء وقميصه الرمادي وشاربه الطويل، لا تجعلك تشك لحظة واحدة في أنه مصري من الوجه القبلي منها! ونظرة أخرى إليه تتأمله بها، وتحاول بها الولوج لما في نفسه، فتحسّ بحرارة مشاعره الحارقة رغم هدوءه الظاهر، وستشعر بضيق صدره وآهات قلبه، وتعلم - يقينًا - بأنه أديب ما من شك، لأن سيماهم في وجوههم و”الوجوه مرايا النفوس، تضيء بضيائها وتظلم بظلامها “.
- ولد في الصعيد ؟
- في منفلوط، وكان لنسبه الشريف ونشأته في بيت حريص على تعليمه لا ريب أثرٌ عليه، إذ أرسل للأزهر منارة العلم والأدب يتلقى هناك ما يملأ به نفسه فيهديها لطريق الحق في عالم الباطل، ويكون له السراج المنير في ظلمات الجهل.
- ودرس هناك يا أبي؟
- تلقى فيه علوم القرآن الكريم والحديث الشريف، والأدب وعلوم اللغة العربية، وزاد على دروسه تلك مطالعته في الشعر العصر العباسي والأندلسي ونثرها. وكانت نفسه نزاعة للأدب ومحبةً للعلم، غير أنه كان يضجر من تزمت بعض علماء الأزهر الذين كانوا لا يرون رأيه في الأدب و "يراقبونه فإذا عثروا في حقيبته أو تحت وسادته أو بين لفائف ثوبه على ديوان شعر أو كتاب أدب نقموا عليه "
- شدّوا عليه وما كان لهم!
- .. إذا قرأته روايًا تجربته المريرة تلك، قرأت شجون الأسى وانفعالات التأثر، وحزنًا على مصير العلم ورثاء للأدب، قال: "لولا الأدب ما استطاع أئمتهم المجتهدون فهم آيات الكتاب المنزل ولا استنباط تلك الأحكام التي دونوها لهم، ولولاه لما استطاع علماؤهم اللغويون أن يورثوهم هذه العلوم"
وواجب علي - حتى تفهم منهجه إذا قرأت كتبه - بأن أخبرك بثورته عليهم، وتنديده بمنهجهم وبالجمود الديني التقليدي الذي يبعد الناس عن طريق الحق، ولا تظنه يا بني ثائرًا على الدين نفسه وحاشاه من فعل هذا،  فما عرف عنه إلا محافظ دينيّ متأدبًا بالعلم، زاهد عفيف اللسان، وداعيًا إلى محاسن الأخلاق.
- زدني قربًا به.
- نعم .. كان رقيق الحس رهيفها، يقرأ منذ مطلع صباه شعر المتيمين والعاشقين، وقصص المنكوبين والمساكين، فكانت - من بعد - مداده إذا كتب، ودموعه إذا بكى.
 وشجون البائسين وآهات المظلومين هي زاد الكاتب ومقصد القارئ، وهي معين الجمال الذي لا ينضب، والحسن الذي لا يفنى ..
أرأيت إن علمت بـ" أن جمال العالم كله في الشعر، وأن الشعر هو ما تفجر من صدوع الأفئدة فجرى من عيون الباكين وصعد من صدورهم مع زفراتهم " فكيف تصبر عن قراءته وتأمله؟
- وتأثر بها ؟
- بلا شكّ، ووظيفته الحكومية جعلته يرى عن قرب حجم الفساد وظلم الظالمين ومآسي الناس وأحزانهم، فبكى على مظلومية المظلومين، وآثار المفسدين في مقالاته للإصلاح الاجتماعي.
- هيه ..
- وكان رب أسرة حريصًا عليها محبًا لها، وما تظنه إذا عرفت رقّة طبعه إلا عاشقًا لها، لكن حدث من دورة الزمان وحمل الأيام ما أظلم الدنيا في عينه ونبذها نبذًا شديدًا في قلبه، وحبب إليه الحزن حتى كان هواءه الذي يتنفس به، وطعامه الذي يتقوى - مجازًا - به..
- وما حدث ؟
- خرجت روح من روحه، فكانت تمشي في الأرض على مرأى منه، فلما قُبضت انقبض قلبه ودمعت عينه فكانت الدموع شراب نفسه .. وإن كان يا بني ابنًا واحدًا لهي مصيبة عظيمة، فكيف إذا كانوا أربعة؟! فكان لخبر وفاتهم وقعٌ شديد عليه، ومصيبة عظيمة حلّت به.
وأصبح لهذا سخيًا بالبكاء، تدمع عينه حتى إذا توقف استعبارها وما توقف نحيب قلبه، طلب الدموع في مآقي المساكين، وبكى بعيون العاشقين، وكان يرثي بمصيبته مآسي العالمين.
- يبكي نفسه ؟
- يبكي العالم كله! يبكي نحر السلام على يد الحروب، وجمود العلم وانحطاط الأدب .. يبكي الأخلاق الحسنى التي اندثرت، وعلى الحب الذي غُيب وزيف!
" لا خير في قلب يعيش بلا حب " ولا خير إذن في الناس اليوم !!
- زدني قرباً به!
- نفس عظيمة مثل نفس المنفلوطي يا بني لا يكفيها الإشارة إليها، لأنها بحر كبير لا يسعنا الإبحار والإحاطة به كلّه, ولكن أقول لك ما كتبه بلسان إحدى الشخصيات في احدى رواياته، فكأنه كان يعني بها نفسها واختصرها بجملته:
" إنني شقيٌ مذ ولدت .. فأنا أحب الأشقياء وأعطف عليهم؛ لأنني واحدٌ منهم، ولا صداقة في الدنيا أمتن ولا أوثق من صداقة الفقر والفاقة، ولا رابطة تجمع بين القلبين المختلفين مثل رابطة البؤس والشقاء “
.. ذاق من تصاريف الزمان ما أمَلّه وأشقاه، " ذاق الذل حينًا والجوع أيامًا والحزن أعوامًا " فما أمَلَ بشيء منها، حتى إذا مر عليه أربعين سنة كتب مقالة يودع فيها الشباب الذي ما أسعده ولا تمتع به، ويبدي استعداده للموت، شاعرًا بقربه وأنه يوشك النزول به:
" وداعًا يا عهد الشباب، فقد ودعت بوداعك الحياة، وما الحياة إلا تلك الخفقات التي يخفقها القلب في مطلع العمر، فإذا هدأت فقد هدأ كل شيء وانقضى كل شيء
أيا عهد الشباب وكنت تندى **
على أفياء سرحتك السلام "

.. سلام عليه منذ ولد، وحين مرض فلم يستدعي طبيب ولا شكى مرضه لصديق، سلام عليه حين أدار وجهه للحائط يتأوه ويأن من وجعه حتى أشرقت شمس العيد، وبشروقها سكن جسده وغادرت روحه الحياة!
سلامٌ على جثمانه الذي ما مشى في جنازتها غير ستة! .. وسلام عليه حين يبعث حيًا.



أجريت في القصة خيالي وفيها قليل مما أظنه واقع

الأحد، 12 فبراير 2012

بسم الله الرحمن الرحيم

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك